وقف سيد بدرية على المسرح، تحت أضواء لا ترحم، أمام عيون تعودت تشوف الأبطال في أفلامهم مش في الحقيقة.
نجوم السينما العالمية حواليه: مخرجين من هوليوود، ممثلين بأوسكار، نقاد بجوائز من كل قارات العالم…
لكنه الوحيد اللي واقف بـ"لهجة بورسعيدي" ولسان بيقول:
أنا جاي من بلد اسمه مصر… من شارع في بورسعيد… وجيت هنا مش عشان أكون نسخة منهم، لأ، عشان أكون نفسي.
رفع الجائزة بين إيديه، بس اللي فعلاً رفعه هو المشوار الطويل من زحمة شوارع المحطة لزحمة استوديوهات نيويورك.
ما غيّرش جلده، ما باعش شكله، ما مسحش اسمه…
كان وفضل "سيد" ابن أمّه، ابن بلده، واللي بيكلم العالم كله بصوت مصري صافٍ، مش مترجم. سيد بدرية: رحلة مصري من بورسعيد لهوليوود.
اللي وقّف القاعة تصقف مش الجائزة…
اللي وقّفهم دمعة في عينه وهو بيقول:
اللي شالني لغاية هنا، مش فلوس… دي كانت دعوة من أمي.
🏠 من بورسعيد… بدأت الحكاية
في بيت بسيط في قلب بورسعيد، اتولد سيد بدرية سنة 1957، طفل لأسرة مكافحة، أبوه موظف صغير في البلدية، وأمه ست بـ100 راجل. مات الأب بدري، وساب وراه 3 عيال وجيب فاضي، لكن ست البيت ما استسلمتش… شالت الحمل كله على كتفها، وربّت ولادها على الكرامة والكفاح والصبر. كان سيد وقتها لسه طفل، لكن الحياة رمته في وشّها بدري، زي أفلام الأبيض وأسود اللي بيحبها.
في عزّ الأزمات، وإيجار البيت اللي مش مدفوع، والعيشة اللي كانت على الحديدة… سيد لقى لنفسه ملجأ غريب: شاشة السينما.
كل ما الدنيا تضيق، يهرب للسينما "الهلال" في بورسعيد، ويدخل من غير تذكرة، من باب الستر والرحمة.
عمال السينما عرفوه… وخلّوه يدخل الاستراحات، عشان يشوف الريحاني، أنور وجدي، عبد الفتاح القصري، ويحلم.
وده كان أول دور بطولة في حياته… متفرّج، لكن بعين ممثل لسه ما اتولدش.
كبر الولد، وكبر جواه الحلم.
حلم مش بس يمثل… لا، يعيش جوا الفيلم.
يبقى هو اللي بيعيط في المشهد… مش بس اللي بيصفق في آخره.
لكنه اتصدم بدري جدًا…
نجح في المدرسة، واتمنّى يدخل الجامعة، لكن أمه ماكانش معاها حتى تمن ورق التقديم.
اضطر يدخل "دبلوم صنايع"، وبعدها لمّا جاتله فرصة يقدّم لكلية الهندسة…
نزل القاهرة، ومشي من رمسيس للجيزة على رجليه عشان ما معهوش غير تمن التذكرة.
وصل هناك، والموظف مش موجود…
معدته بتقرص من الجوع، والجيبة فاضية…
وقف على كوبري الجامعة، وعيونه نزلت دموع، مش بس من التعب، من الإحساس بالغربة في وطنه.
وده كان المشهد اللي غيّر كل حاجة…
من اللحظة دي، قرر سيد بدرية يهاجر لأمريكا.
✈️ من شراب فيه 2000 دولار… إلى بيوت نيويورك السينمائية
مافيش شنطة سفر، ومافيش عيلة بتودّع على سلم الطيارة…
كان فيه شاب مصري، حالم، واخد معاه 2000 دولار مخبيهم في شرابه، وقلب مليان بقرارات ماحدش فِهمها وقتها غيره.
سنة 1979، نزل سيد بدرية أمريكا على بركة الله.
ما يعرفش حد، ما عندوش عنوان واضح، لكنه عارف كويس هو جاي ليه:
مش عشان يشتغل في مطعم، ولا يدور على إقامة…
جاي عشان يبقى ممثل.
بدأ من بيوت الشباب في بوسطن، واشتغل عند تاجر لبناني.
وفي نفس الوقت، دخل يدرس في جامعة بوسطن: لغة إنجليزية ومسرح.
كان بيشتغل بالنهار، وبيركّز في الحلم بالليل…
وكان كل ما يحس بالتعب، يفتكر دمعة أمه، وكوبري الجامعة.
بعد كده انتقل لنيويورك، وهناك حصلت نقطة التحوّل الحقيقية:
التحق بأكبر مدرسة سينما في جامعة نيويورك (NYU)، واللي كانت وقتها مصنع النجوم.
وكان غريب عنهم… لهجته غير، شكله غير، لكن موهبته ما سابتش فرصة تضيع.
زمايله كانوا بيشتغلوا في مشاريع تخرجهم…
وسيد بدرية؟ كان بطل أفلام تخرجهم كلهم.
مش عشان مجاملة، لا… عشان كل مخرج شاف فيه طاقة تمثيل مش موجودة عند حد تاني.
كان بيمثل في كل زاوية، يحفظ المشهد من مرة، ويوصل إحساسه من غير ما يتكلم.
السينما خدت بإيده… وبقت بتحبه زيه.
🎥 هوليوود تفتح الباب… والمصري يدخل بإيده مش بوساطة
لما خلص سيد بدرية دراسته في نيويورك، ماستناش حد يندهله، ولا قعد يدوّر على واسطة.
شد رحاله على لوس أنجلوس، عاصمة الحلم الهوليوودي، وهو شايل جملة واحدة في دماغه:
أنا مش جاي أشتغل في هوليوود… أنا جاي أعيش جواها.
ابتدى من الصفر الحقيقي:
كومبارس، مشاهد قصيرة، جملتين في الخلفية… لكن الموهبة كانت بتصرّخ من تحت كل لقطة.
كان حافظ إن كل ثانية قدام الكاميرا هي فرصة يثبت بيها إنه مش عابر سبيل… ده ممثل مصري، Arab American actor، جاي من بورسعيد عشان يسِيب بصمته.
وجات أول طلقة حقيقية في مسيرته:
بعدها الباب اتفتح
🎬 Stargate – بدور جندي مصري
🎬 Independence Day – كـ طيّار مشارك في الحرب ضد الغزو الفضائي
🎬 Three Kings – جنب جورج كلوني وسط رمال الخليج
🎬 The Insider – وده أهمهم، مع آل باتشينو… اللي كان بيتفرج عليه زمان في سينما "الهلال"، ودلوقتي بيقف قصاده ممثل زيه زيه، بل وأداؤه نال احترام الجميع.
في البداية، أدواره كانت بتندرج تحت الكليشيهات:
"عربي خشن – إرهابي – شيخ متطرف"، وهو نفسه قالها في أكتر من لقاء:
في الأول كنت مضطر أقبل… بس مع الوقت، قررت أخلّي حتى الدور السلبي، فيه شيء إنساني حقيقي.
بدأ يغيّر الصورة، يطلب أدوار أفضل، يشتغل على نفسه كممثل مش بس كصورة نمطية.
وبكده أصبح واحد من أوائل الممثلين العرب اللي قدروا يثبتوا وجودهم جوه المنظومة العالمية كـ Arab American actor بيقدم فن حقيقي.
🎞️ من التمثيل للإنتاج… وسينما مصر ما سكتتش جواه
رغم نجاحه في أفلام عالمية، ورغم إنه بقى Arab American actor معروف في هوليوود، سيد بدرية عمره ما نسى هو مين… ولا جاي منين.
جواه كان دايمًا سؤال بينام معاه ويصحى عليه:
فين سينما بلدي؟ فين تراثنا اللي بيتاكل تحت التراب؟
ومن السؤال ده، تولدت ثورة صغيرة… بس صوتها كان عالي.
سيد بدرية قرر يبقى منتج.
مش منتج عشان الفلوس، لكن عشان يصنّع صورة مصر بعيونه هو، مش بعيون ناس برا شايفانا دايمًا نمط مش إنسان.
أسّس شركة إنتاج مستقلة، وبدأ يشتغل على أفلام مختلفة تمامًا عن اللي كان بيشارك فيها كممثل.
أهم مشروع عمله وقتها كان فيلم وثائقي بعنوان:
إنقاذ كلاسيكيات السينما المصرية
فيلم بيكشف كارثة صامتة:
أفلام الزمن الجميل، من عبد الحليم ونجيب الريحاني لغاية تحف يوسف شاهين، بتتحلل في المخازن حرفيًا.
جمع مشاهد أصلية، صور أرشيفية، ووثائق صادمة،
وعرض الفيلم في مهرجانات وجمعيات سينمائية كبرى في أمريكا.
المفاجأة؟
الفيلم عمل صدى قوي جدًا…
لدرجة إن سلمى حايك حضرت بنفسها عرض خاص للفيلم، وهنّته على إنقاذه لذاكرة السينما المصرية، وقالت له:
You’re not just an Arab American actor… you’re a cultural warrior.(مش بس ممثل عربي أمريكي… أنت محارب ثقافي.)
لكن في المقابل، لما سيد بدرية بعت المشروع لوزارة الثقافة في مصر،
ورد؟
ولا حتى اتفتح الإيميل.
دي كانت لحظة من اللحظات اللي بتحسسك إنك عملت كل حاجة عشان بلدك،
بس بلدك مش سامعاك.
ومع كده، ما استسلمش…
كمّل، وثبّت رجله كممثل، ومنتج، ومؤرخ فني بيدوّن اللي الناس ناسيه.
🏆 البافتا 2024… لحظة التكريم العالمية
القاعة سكتت.
الكاميرا اتحرّكت على الوجوه… مخرجين، ممثلين، أساطير.
وبعدين اتقال اسمه:
The BAFTA goes to… Sayed Badreya, for Jellyfish and Lobster.
الناس قامت تصقف.
بس اللي كان واقف على المسرح، ماكانش مجرد ممثل فاز بجايزة…
ده كان ابن بورسعيد، المهاجر، المكافح، الـ Arab American actor اللي عمره ما غيّر جلده عشان يرضي حَدّ.
فيلم Jellyfish and Lobster كان فيلم قصير، لكنه كبير في فكرته ومشاعره.
قدّم فيه سيد شخصية مليانة عمق، مش نمطية، مش عنف ولا صراخ…
إنسان. نقطة.
دوره كان بيلعب على الخيط الرفيع بين الضعف والقوة،
وركّز على مشاعر مش بتتقال في حوار،
بتتقال في نظرة، تنهيدة، مشية تقيلة.
النقاد كتبوا بعدها:
Sayed Badreya proves he's more than a typecast actor – he's a force of nature.(سيد بدرية يثبت إنه مش مجرد ممثل نمطي… ده قوة طبيعية.)
ودي كانت اللحظة اللي العالم شافه فيها بشكل مختلف…
مش كـ "ممثل عربي" بيكمّل ديكور،
لكن كـ فنان حقيقي جاي من الشرق، شايل قضية، وحافظ على هويته.
📰 سيد بدرية في عيون الصحافة العالمية
لما يبقى ممثل عربي الأصل، ويقدر يتواجد في هوليوود مش بس كمؤدي…
لكن كصوت فني عنده رسالة، طبيعي العالم يلاحظه.
وسيد بدرية فعلاً كان تحت عدسة كبار الصحافة العالمية.
🔹 Variety
كتبت عنه أثناء عرض فيلم Cargo، وأشادت بأداءه المعقد لشخصية "سيد" السائق المصري،
اللي بينقل فتاة روسية في عملية تهريب بشر…
لكن بمرور الوقت، بيبدأ صراع داخلي بين إيمانه الديني وواقعه القاسي.
قالت Variety:
Badreya’s performance is quietly intense. He turns a silent accomplice into a man torn by conscience.
🔹 The Hollywood Reporter
نشرت مقال تفصيلي عن الفيلم نفسه، وركّزت على الخلفية الإنسانية للقضية،
وقالت إن الدور اللي لعبه سيد بدرية هو أكتر دور فيه أبعاد نفسية مقارنة بكل الشخصيات.
🔹 LA Times و New York Post
أشاروا لأعماله كـ Arab American actor بيقدم أدوار غير نمطية،
وبالذات بعد مشاركته في The Insider، Three Kings، وJellyfish and Lobster.
🔹 قسم “In The News” بموقعه الرسمي
بيوثّق تغطيات صحفية من جهات تانية مهمة زي Fox، NPR، وحتى مواقع ثقافية عربية وأجنبية…
كلها بتتكلم عن حالة اسمها: سيد بدرية.
مش بس ممثل… ده "نموذج".
🧭 سيد بدرية... ما بين أمريكا ومصر: العين هنا و القلب هناك
سيد بدرية مش مجرد سيرة ذاتية عن فقر ونجاح…
ولا هو قصة “كافح ووصل” وخلاص.
هو مأساة حلوة،
بطلها ممثل شايل بلده على ضهره، بيحاول يحكيها للعالم بلغة الفن،
وفي كل مرة الدنيا تديه ضهرها… هو يكمل.
واقف على خشبة بافتا، ببدلة شيك…
بس جواه لسه صوت بورسعيد،
لسه ريحة التراب اللي شاله في هدومه وهو بيعدّي الجوازات أول مرة،
لسه الجوع اللي وجعه على كوبري الجامعة،
ولسه السؤال اللي عمره ما سابه:
ليه لما ننجح برا، بنبقى معروفين هناك… ومجهولين هنا؟
سيد بدرية هو إحنا…
هو الموهبة لما تتولد في مكان غلط، لكن تفضل تصرخ لحد ما العالم يسمع.
هو ابن مصر، وابن هوليوود، وابن أم طيبة ماصدقتش إنها شافت ابنها في فيلم،
هو الـ Arab American actor اللي فضل ممثل وإنسان… ما اتباعش، ما اتلونش، ما اتنساش.
ولسه…
ما خلصش.
🎬 لو حابب تعرف أكتر عنه، تابع سيد بدرية من مصادره الرسمية:
🔗 الموقع الرسمي للممثل سيد بدرية
📺 قناته على يوتيوب
🎭 صفحته على IMDb